فصل: الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي السَّبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَحْثُ الثَّانِي فِي النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى:

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَهَا ثُمَّ تَخَلَّفَتْ لَمْ تَسْتَحِقَّ نَفَقَةً لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَتَأَخَّرَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا لِأَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ وَقَالَ أَيْضًا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِامْتِنَاعِهَا بِإِسْلَامِهَا قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَفِي الْكِتَابِ لَوْ بَنَى بِهَا وَهُمَا مَجُوسِيَّانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ فَافْتَرَقَا لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا فَلَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا.

.الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي اخْتِيَارِهِ مِنَ الْعَدَدِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ اخْتَارَ أَرْبَعًا كُنَّ أَوَائِلَ الْعُقُودِ أَوْ أَوَاخِرَهَا وَيُفَارِقُ الْبَاقِيَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: «اختر أَرْبعا مِنْهُنَّ» وَوَافَقَنَا ش وَقَالَ ح إِنَّمَا يَخْتَارُ من تقدم عقدهن لِفَسَادِ مَا بَعْدَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَاتِ الَّتِي لَا تُقَارِنُ الْإِسْلَامَ لَا نَعْتَبِرُهَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِالِاخْتِيَارِ فِي إِنْشَاءِ حُكْمٍ وَتَأْسِيسِ قَاعِدَةٍ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا لَذَكَرَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْأُخْتَانِ يُفَارِقُ إِحْدَاهُمَا لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ قَالَ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَارِقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْمَجُوسِيُّ يَخْتَارُ كَالْكِتَابِيِّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُعْطِي لِمَنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفَ صَدَاقِهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِاخْتِيَارِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فَسْخٌ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ حَتَّى مَاتَ جَمِيعهنَّ فللمدخول صَدَاقُهَا وَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ خُمُسُ صَدَاقِهَا إِنْ كُنَّ عَشَرَةً لِأَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ صَدَاقَاتٍ تَنْقَسِمُ عَلَى عَشَرَةٍ وَيَسْقُطُ نِصْفُ ذَلِكَ لِعَدَمِ الدُّخُولِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ غَيْرَ مُعَيِّنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسُ صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ طَلَّقَ مَعْلُومَةً لَمْ يَخْتَرْ مِنَ الْبَوَاقِي إِلَّا ثَلَاثًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ أَوْ مَجْهُولَةً ثَلَاثًا بَطَلَ اخْتِيَاره لاختلاط الْحَرَام بالحلال وَفِي الْجَوَاهِر لَا مَهْرَ لِلْمُفَارَقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْفِرَاقِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ كَالْمُتَنَقِّلِ وَفِي الِاخْتِيَارِ كَالْمُطْلَقِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ قِيلَ يَرِثُهُ جَمِيعُهُنَّ الرُّبُعَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلِكُلِّ مَبْنِيٍّ بهَا صَدَاقهَا قَالَ أَبُو الطَّاهِر الْمَشْهُور ربع صَدَقَاتٍ لِجَمِيعِهِنَّ بِالْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِجَمِيعِهِنَّ سبع صدقَات أَربع لأَرْبَع وَثَلَاث لِسِتَّةٍ يُقَسَّمُ الْجَمِيعُ أَعْشَارًا.
فرع:
قَالَ فَلَو كن ثَمَان كتابيات فَأسلم أَربع وَمَات قبل التبين لم يُؤثر لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ يُفَارِقُ الْمُسْلِمَاتِ كَمَا لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَمُسْلِمَةً وَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَمَاتَ قبل التبين.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَسْلَمَ عَنْ أُمٍّ وَابْنَتِهَا اخْتَارَ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَلَا تَحْرُمُ الْأُمُّ بِالْعَقْدِ لِفَسَادِهِ وَالْإِسْلَامُ لَا يُصَحِّحُهُ مَعَ الِابْنَةِ وَقَالَ غَيره يفارقها لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُصَحِّحُهُ فَهُوَ كَالْعَقْدِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَبَسَ الْأُمَّ لَا يُعْجِبُنِي نِكَاحُ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ نِكَاحُ شُبْهَةٍ وَإِنْ بَنَى بِهِمَا حُرِّمَتَا أَبَدًا أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَقَامَ عَلَيْهَا لِتَحْرِيمِ الْأُخْرَى لَهَا بِالْعَقْدِ أَوْ بِالدُّخُولِ وَإِذَا مَاتَتِ امْرَأَةُ الذِّمِّيِّ فَتَزَوَّجَ أُمَّهَا ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ كَالْمَجُوسِيِّ يُسْلِمُ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَيُسْلِمَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ تَحْرُمُ الْأُم إِذا أسلم عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَثْبُتُ الْبِنْتُ لِأَنَّهُ عَقْدُ شُبْهَةٍ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَمْسَكَ أَرْبَعًا فَوَجَدَهُنَّ أَخَوَاتٍ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ إِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ مَنْ بَقِيَ كَانَ لَهُ عَنْهُنَّ تَمَامُ الْأَرْبَعِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ تَزَوَّجْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِنَّ سَبِيلٌ لِأَنَّهُ أَحَلَّهُنَّ بِالْفَسْخِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ دَخَلَ بِهَا إِنِ اخْتَارَهَا أَوْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ.

.الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الِاخْتِيَارِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ يَلْحَقُ بِالصَّرِيحِ مَا أَفَادَ مَعْنَاهُ كَطَلَاقِ وَاحِدَةٍ أَوْ ظِهَارِهَا وَالْإِيلَاءِ مِنْهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ لَوْ قَالَ فَسَخْتُ نِكَاحهَا انْفَسَخ.

.الْفَصْل الرَّابِع فِي الرِّدَّة:

نسْأَل الله الْعَفو والعافية وَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلنِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الزمر 65 وَالْمُرَادُ آثَارُ الْعَمَلِ لِاسْتِحْلَالِهِ رَفْعَ الْمَانِعِ فَيَبْطُلُ آثَارُ الْعَقْدِ مِنْهَا الْحَلُّ فَإِنِ ارْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوا بعصم الكوافر} أَيْ مَنْ كَفَرَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ من قبلكُمْ} وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ عَلَى الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا ارْتَدَّا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنَ وَقَالَ ح هِيَ مُبْطَلَةٌ إِلَّا أَنْ يَرْتَدَّا مَعًا فَيَثْبُتَ لِتَسَاوِيهِمَا أَوْ يَرْتَدَّ الزَّوْجُ وَحْدَهُ فَيَنْتَظِرَ فِي الْعِدَّةِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي مُوجِبِ الْإِبْطَالِ فَهُمَا كَكَافِرَيْنِ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَطَلَتِ الْعِصْمَةُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي إِبْطَالِ الْعَمَلِ بِالرِّدَّةِ وَفِي انْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِلْبَيْنُونَةِ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِبُطْلَانِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ أَسِيرًا وَجَهِلَ طَوْعًا كَفَرَ أَمْ كُرْهًا اعْتَدَتِ امْرَأَتُهُ وَوَقَفَ مَالُهُ وَسُرِّيَّتُهُ فَإِنْ مَاتَ حَكَمْنَا بِرِدَّتِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْإِكْرَاهُ فَهُوَ عَلَى حَالِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ يُعِيدُهَا لِلْعِصْمَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لِلزَّوْجِ لَا لَهَا فَرِدَّتُهَا ضَعِيفَةٌ فِي الْإِبْطَالِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الرِّدَّةُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ وَقِيلَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَلَا طَلَاقَ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا ارْتَدَّ وَامْرَأَتُهُ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ يَهُودِيَّةٌ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِنْ عَاوَدَ الْإِسْلَامَ تَسْوِيَةً بَيْنَ رِدَّتِهِ وَالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُ عُقُودَ الْبِيَاعَاتِ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى رِدَّتَهَا فَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً.
فرع:
قَالَ لَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ أَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أُقِرَّ لِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الَّذِي عُوهِدَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَلَوْ تَزَنْدُقَ أَحَدُهُمَا قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ كُفْرٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُقْتَلُ كَالْمُسْلِمِ يَتَزَنْدَقُ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ فِي رِدَّتِهِ فَلَا صَدَاقَ وَإِنْ دَخَلَ بهَا لِأَن مَاله للْمُسلمين إِذا قل وَلِلْحَجْرِ بَعْدَ الرِّدَّةِ بِحَيْثُ لَا يُنْفَقُ عَلَى وَلَدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَدَّ وَتَحْتَهُ ذِمِّيَّةٌ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَإِنِ ارْتَدَّ إِلَى دِينِهَا وَلَوْ تَزَوَّجَ حَالَ رِدَّتِهِ ذِمِّيَّةً لَمْ يَجُزْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا لِلْحَجْرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ حَبْسِهِ لِلِاسْتِتَابَةِ فُسِخَ وَإِنْ قُتِلَ فَلَا صَدَاقَ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَثْبُتُ نِكَاحُهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لِزَوَالِ الْحَجْرِ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي عَدَمِ الصَّدَاقِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً وَقَالَ لَوْ لَمْ تَعْلَمْ لَمْ يَسْقُطْ رُبُعُ دِينَارٍ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَكَانَ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَام سَقَطت عِنْد حُقُوق اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا تَرَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مِنْ صَلَاة وَصَوْم وَزَكَاة وحد وَنذر وَيَمِين بِعِتْقٍ وَظِهَارٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَتَثْبُتُ حُقُوقُ الْعِبَادِ مِنَ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ كَمَا يُؤْخَذُ بِهِ الذِّمِّيُّ وَيَأْتِي قَتْلُهُ عَلَى الرِّدَّةِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَّا الْقَذْفَ فَيُحَدُّ ثُمَّ يُقْتَلُ لِيَرْتَفِعَ عَارُ الْقَذْفِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَإِذَا رَجَعَ ابْتَدَأَ الْحَجَّ وَالْإِحْصَانَ لِحُبُوطِهِمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ إِذَا تَابَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَرْتَدَّ لَهُ وَعَلَيْهِ فَيَقْضِي الصَّلَاةَ الْمَنْسِيَّةَ وَلَا يَقْضِي الْحَجَّ الْمَفْعُولَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمن يرْتَد مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} الْبَقَرَة 217 وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَيَّدَةٌ وَتِلْكَ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ش وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَائِلَ لِعَبْدِهِ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ وَكَلَّمْتَ زَيْدًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِالدُّخُولِ وَحْدَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ جعل لعقته سبيلين لِأَنَّ الشُّرُوطَ اللُّغَوِيَّةَ أَسْبَابٌ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد.
وَثَانِيهمَا سلمناه وَلَكِن الْمُرَتَّبَ عَلَى الرِّدَّةِ الْمُوَافَاةِ عَلَيْهَا أَمْرَانِ الْحُبُوطُ وَالْخُلُودُ وَتَرْتِيبُ شَيْئَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ بِالْآخَرِ وَيَجُوزُ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ وَلَيْسَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيَسْقُطَ الِاسْتِدْلَالُ بَلِ الرَّاجِحُ الِاسْتِقْلَالُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّرْكِيبِ وَفِي الْكِتَابِ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ وَرَثَتِهِ إِنْ قُتِلَ وَلَا يَرِثُ هُوَ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فَهُوَ مُبَايِنٌ لِجُمْلَةِ الْمِلَلِ وَلَا يَأْخُذُ مِيرَاثًا بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ حَالَةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا كَالدِّينِ وَقَالَ سَحْنُون لَا يسْقط حد الزِّنَا لَيْلًا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ بِالرِّدَّةِ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا حَنِثَ فِي ظِهَارِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ نَفْسِهِ وَسَوَّى بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بَيْنَهُمَا فِي السُّقُوط وَفِي التَّنْبِيهَات قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ الْقَابِسِيُّ إِذَا تَابَ رَجَعَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا.
فرع:
إِذَا ارْتَابَ فِي امْرَأَةٍ هَلْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ أَمْ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحِلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي تَصَرُّفَات الْعُقَلَاء.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فالمولود بعد الرِّدَّة وَلَده الصَّغِيرُ وَامْرَأَتُهُ فَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمْلُ قَبْلَ الرِّدَّةِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يَحْتَلِمْ فَيُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ بِالضَّرْبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْلُودُ حَالَ الرِّدَّةِ يُجْبَرُ قَبْلَ الْحُلُمِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا فَيَتْبَعَهَا الْوَلَدُ فَإِذَا بَلَغَ تُرِكَ لِاسْتِقْلَالِهِ وَقَالَ أَيْضًا فِي أَهْلِ حِصْنٍ ارْتَدُّوا يُقْتَلُونَ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيهِمْ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَوُلِدَ لَهُ ثُمَّ تَابَ هُوَ وَولده وَإِلَى ولد وَلَده فَحكمه كحاكم جده وَلَا يسبى وَيقتل من لم يسب مِنَ الْكِبَارِ تَغْلِيبًا لِإِسْلَامِ جَدِّهِمُ السَّابِقِ وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ مَنْ بَلَغَ تُرِكَ قَالَ فَإِنْ قُتِلَ الْأَبُ وَالْوَلَدُ صَغِير أرى أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ وَلَدِ الذِّمِّيِّ وَالْفَرْقُ عَدَمُ اعْتِبَارِ دِينِ الرِّدَّةِ.

.الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي السَّبي:

وَفِي الْكتاب السَّبي يَهْدِمُ النِّكَاحَ سُبِيَا جَمِيعًا أَمْ لَا وَعَلَى الْمَسْبِيَّةِ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ وَلَا عِدَّةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ أمة وَأَصله مَا روى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أصبْنَا سبابا يَوْم أَوْطَاس ولهن أَزوَاج فكرهنا أَن نقع عَلَيْهِنَّ فسألنا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُم} النِّسَاء 24 فاستحللناهن قَالَ ابْنُ قُسَيْطٍ وَإِذَا ابْتَعْتَ عَبْدًا وَامْرَأَتَهُ مِنَ السَّبْيِ قَبْلَ تَفْرِيقِ الْقَسْمِ بَيْنَهُمَا فَلَكَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَوَطْءُ الْأَمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ قِيلَ إِذَا لَمْ يُقِرُّهُمَا السُّلْطَانُ عَلَى النِّكَاحِ وَقِيلَ قَوْلُهُ خِلَافٌ وَبَيْعُهُمَا جَمِيعًا إِقْرَارٌ عَلَى النِّكَاحِ سُبِيَا جَمِيعًا أَوِ الزَّوْج ثمَّ دخلت الْمَرْأَةُ بِأَمَانٍ فِي الْعِدَّةِ وَرُوِيَ لَا سَبِيلَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ السَّبْيَ يُسْقِطُ عُقُودَ الْأَجَانِبِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَهْدِمُ السَّبْيُ النِّكَاحَ إِذَا وطئ السَّيِّد بعد الِاسْتِبْرَاء وَلم يعلم بعد بِالزَّوْجِيَّةِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ بِدَارِ الْحَرْبِ رَقِيقًا وَذَكَرَ الرَّقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمْ نِكَاحًا إِنْ عُلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ ثَبَتَ النِّكَاحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِسَبْيٍ وَإِلَّا فَلَا لِاتِّهَامِهِمْ فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ.
فرع:
قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَتَى إِلَيْنَا وَقَدِمَ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَ وَسُبِيَتِ امْرَأَتُهُ فَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ إِنْ أَسْلَمَتْ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِذْ لَا يَنْكِحُ الْمُسْلِمُ أَمَةً كِتَابِيَّةً وَهِيَ وَوَلَدُهَا وَمَهْرُهَا الَّذِي عَلَيْهِ فَيْءٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا قَدِمَتْ بِأَمَانٍ فَأَسْلَمَتْ أَمْ لَا ثُمَّ سُبِيَ الزَّوْجُ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَأَسْلَمَ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ لِأَجْلِ رِقِّهِ بِالسَّبْيِ وَيُصَدَّقُ التُّجَّارُ الْكُفَّارُ فِي الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الْمَمْلُوكَيْنِ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَهُوَ إِقْرَارٌ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ شَهَادَةً.

.الْمَانِعُ التَّاسِعُ الرِّقُّ:

عَلَى أحد الشخصين للْآخر وَهُوَ يمْنَع فِي جَمِيع الْحَالَاتِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ نِكَاحُ أَمَتِهِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ نِكَاحُ عَبْدِهَا وَمَتَى مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ فَلِذَلِكَ لَا يُحَدُّ الْمَجْنُونُ بِسَبَبٍ فِي الصِّحَّةِ وَلَا السَّكْرَانُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَدِّ الزَّجْرُ بِمَا يُشَاهِدهُ الْمُكَلف من المؤلمات والملذات فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِمِرْآةِ الْعَقْلِ وَكَذَلِكَ لَا يشرع اللّعان فِي الْمَجْنُون وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَتَحْصِيلُ مَقَاصِدِ الْعِوَضَيْنِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ حِينَئِذٍ وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَا يُشْرَعُ نِكَاحُ الرَّجُلِ أَمَتَهُ لِأَنَّ مَقَاصِدَ النِّكَاحِ حَاصِلَةٌ قَبْلَ الْعَقْدِ بِالْمِلْكِ فَلَمْ يُحَصِّلِ الْعَقْدُ شَيْئًا فَلَا يشرع قَاعِدَة مَقْصُود الزَّوْجِيَّة التراكن والود وَالْإِحْسَان مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} الرّوم 21 وَمَقْصُودُ الرِّقِّ الِامْتِهَانُ وَالِاسْتِخْدَامُ وَالْقَهْرُ بِسَبَبِ سَابِقَةِ الْكُفْرِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ زَجْرًا عَنْهُ وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ مُضَادَّةٌ لِمَقَاصِدِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ.
قَاعِدَةٌ:
مِنْ مُقْتَضَى الزَّوْجِيَّةِ قِيَامُ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْحِفْظِ وَالصَّوْنِ وَالتَّأْدِيبِ لِإِصْلَاحِ الْأَخْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} النِّسَاء 34 والسترقاق يَقْتَضِي قَهْرَ السَّادَاتِ وَالْقِيَامَ عَلَى الرَّقِيقِ بِالْإِصْلَاحِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالِاسْتِهَانَةِ فَيَتَعَذَّرُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ زَوْجَةً وَسَيِّدَةً لِتَنَافِي الْبَابَيْنِ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ أَمْرَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ يقدم الشَّرْع وَالْعرْف وَالْعقل أَقْوَاهُمَا وَالرِّقُّ أَقْوَى مِنَ النِّكَاحِ لِكَوْنِهِ يُوجِبُ التَّمَكُّنَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَافِعِ وَالرَّقَبَةِ وَبَعْضُ الْمَنَافِعِ إِبَاحَةُ الْوَطْءِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي النِّكَاحُ غَيْرَهُ فَيَكُونُ الْمِلْكُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ أَمَتَهُ لِلْقَاعِدَةِ الْأُولَى وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا لِلْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَمَتَى دَخَلَتِ الزَّوْجِيَّةُ عَلَى الرِّقِّ وَالرِّقُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمُشْتَرِي امْرَأَتِهِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا الرِّقُّ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لِلْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ.
تَفْرِيعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اشْتَرَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فُسِخَ النِّكَاحُ وَاتَّبَعَتْهُ بِالْمَهْرِ كَمَنْ دَايَنَ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مهر إِلَّا أَن سرى هِيَ وَسَيِّدُهُ فَسْخَ النِّكَاحِ أَيْ يَقْصِدَانِ فَلَا يجوز وَتبقى زَوْجَة لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِ الْعَبْدِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ بِالضَّرَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اشْتَرَتْهُ مُكَاتَبًا أَوِ اشْتَرَاهَا مُكَاتَبَةً قِيلَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْآنَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ حَصَلَ الْعَجْزُ فَحِينَئِذٍ يفْسخ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا وَهبهَا انْفَسَخ نِكَاحه وَفِي الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ عَرَضٌ فَاسد وَقَالَ أَصْبَغُ يُكْرَهُ وَيَجُوزُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ مِثْلَهَا جَازَ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَإِلَّا بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَلَا يُفْسَخُ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا يَدُلُّ مَنْ مَلَكَ عَلَى إِجْبَارِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِمَقْصِدِ السَّيِّدِ تَأْثِيرٌ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ عَدَمَ الْقَبُولِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْخِيَارِ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إِلَّا بِقَبُولِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَارِضِ أَوْ بِالْعُهْدَةِ انْفَسَخَ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَلِذَلِكَ شُرِطَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ كَانَ المَاء مَاء قَالَ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ الْفَسْخِ الْآنَ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ مُكَاتَبَتَهُ وَلَا أَمَتَهُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا وَلَا مُكَاتَبَهَا وَلَا يَتَزَوَّجُ أَمَةَ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَوْ زَنَا بِهَا لَمْ يُحَدَّ كَأَمَتِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ فَعَلَ سَقَطَ الْحَدُّ وَتَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ بِالْمُصَاهَرَةِ وَيَلْحَقُ النَّسَبُ وَيَنْعَقِدَ الْوَلَدُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَتصير أم وَلَده وَيُنْقَلُ الْمِلْكُ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ وَتَثْبُتُ قِيمَةُ الْوَلَد من غير خِيَاره وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكَ لَهُ الْتَمَسُّكُ فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ مَا لَمْ تَحْمِلْ إِذَا كَانَ الِابْنُ مَأْمُونًا عَلَى غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِلِابْنِ مَلَكَهَا الْأَبُ بِالِاسْتِيلَادِ وَحُرِّمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا بِوَطْءِ الِابْنِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَفِي الْكتاب نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَلِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ إِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَعَلِمَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَلِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِمُقَارَنَةِ الْعَبْدِ مَعَ وصف الإستيلاد قَالَ اللَّخْمِيّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهَا الْخِيَارُ لِمَزِيدِ الضَّرَرِ.
فرع:
قَالَ إِذَا اشْتَرَى أَمَةً مِنْ أَبِيهِ لَمْ تكن لَهُ أم ولد يحملهَا وَلَا وَلَدهَا وَلَا قبل الشِّرَاء الْمُعتقَة على هَذِه بِخِلَافِ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لَهَا لعتق حملهَا على الْحَد.
فرع:
قَالَ الْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَطَأَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يُزَوَّجَهَا مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ الِانْتِزَاعِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ انْتِزَاعٌ وَلَا يَصِحُّ زَوَاجُ أَحَدٍ لِأَمَتِهِ إِلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَة.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا أَخْدَمَ السَّيِّد عَبده لامْرَأَته لعبد وَالْأَمَةَ لِزَوْجِهَا إِنْ كَانَ مَرْجِعُ الْعَبْدِ لِلْحُرِّيَّةِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ إِنْ قَبِلَ الْمُخْدَمُ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إِلَى سَيّده أَو غير بِالْمِلْكِ لَمْ يَنْفَسِخْ لِتَعَذُّرِ مِلْكِ غَيْرِهِ الْمَرْأَةَ عَلَيْهِ.